مقدمه عن رحلة إبن بطوطه حول العالم
مما لا شك فيه أن رحلة إبن بطوطه كانت كبيره مما يجعل تلخيصها فى مقال واحد أمر مستحيل وفى هذه السلسه سنسرد لكم أهم البلدان التى زارها إبن بطوطه و أهم ما ذكره إبن بطوطه فى هذه الرحله الشيقه.
فى بداية الأمر أصدر السلطان أبو عنان فارس المرينى أمرآ لإبن بطوطه أن يدون تلك الرحله ويقيدها فأستجاب للأمر و أنتهى من تقييدها فى ٣ من ذى الحجه سنة ٧٥٦ هجريأ وعهد السلطان إلى محمد بن أحمد بن جزى بتنقيحها وصياغتها صياغة أدبيه فأتم ذلك فى صفر سنة ٧٥٧ هجريآ.
تعليق إبن خلدون على رحلة إبن بطوطه
ذكر العلامه إبن خلدون فى مقدمته الشهيره لكتاب " العبر وديوان المبتدأ والخبر " ما يلى بالنص:
ورد على المغرب فى عهد السلطان أبى عنان من ملوك بنى مرين رجل من مشيخة طنجه يعرف بإبن بطوطه وكان قد رحل عنها منذ عشرين سنه قبلها إلى المشرق و تقلب فى بلاد العراق واليمن و الهند ودخل مدينة دهلى حاضرة ملك الهند و اتصل بملكها لذلك العهد وهو السلطان محمد شاه وكلن له منه مكان واستعمله فى خطة القضاء بمذهب المالكيه فى عمله ثم انقلب إلى المغرب واتصل بالسلطان أبى عنان وكان يحدث عن شأن رحلته وما رأى من العجائب بممالك الأرض و أكثر ما كان يحدث عن دولة صاحب الهند ويأتى من أحواله بما يستغربه السامعون مثل :
إذا خرج ملك الهند للسفر أحصى أهل مدينته من الرجال والنساء و الولدان وفرض لهم رزق ستة أشهر يدفع لهم من عطائه وعند الرجوع من سفره يدخل فى يوم مشهود يبرز فيه الناس كافه إلى صحراء البلد ويطوفون وينصب أمامه فى ذلك الحقل منجنيقات على الظهر يرمى بها شكائر الدراهم و الدنانير على الناس إلى أن يدخل ديوانه ، و أمثال هذه الحكايات فتناجى الناس فى الدوله بتكذيبه ولقيت أنا يومئذ فى بعض الأيام وزبر السلطان فارس بن ودرار ،البعيد الصيت، ففاوضته فى هذا الأمر و أريته إنكار أخبار هذا الرجل لما استفاض فى الناس من تكذيبه فقال الوزير فارس : " إياك أن تستنكر مثل هذا من أحوال الدول بما أنك لم تراه فتكون كإبن الوزير الناشئ فى السجن"
وذلك أن وزيرآ اعتقله سلطانه فمكث بالسجن سنين ربى فيها ابنه فى ذلك المحبس فلما أدرك وعقل سأل عن اللحمان التى كان يتغذى بها فإذا قال له أبوه " هذا لحم الغنم " يقول " وما الغنم؟ " فيصفها له أبوه بشياتها ونعوتها ، فيقول " يا أبتى تراها مثل الفأر ؟ ، وكذا فى لحم البقر و الإبل " إذ لم يعاين فى محبسه إلا الفأر فيحسبها كلها أبناء جنس الفأر ، وهذا كثيرآ ما يعترى الناس فى الأخبار كما يعتريهم الوسواس فى الزياده عند قصد الإغراب - كما قدمناه أول الكتاب - فليرجع الإنسان إلى أصوله و ليكن مهيمنآ على نفسه ومميزآ بين طبيعة الممكن و الممتع بصريح عقله ومستقيم فطرته فما دخل فى نطاق الإمكان و ما خرج عنه رفضه و ليس مرادنا الإمكان العقلى المطلق فإن نطاقه أوسع شئ فلا يفرض حدآ بين الواقعات و إنما مرادنا الإمكان بحسب الماده التى للشئ فإذا نظرنا أصل الشئ وجنسه وفصله ومقدار عظمته وقوته أجرينا الحكم فى نسبة ذلك على أحواله وحكمنا الإمتناع على ما خرج من نطاقه".
إرسال تعليق